منتديات مكلانا
أهلا وسهل بكم في منتديات مكلانا
التسجيل من
هنا

وللدخول إلى المنتدى من
هنا

دردش مع أصدقائك وتبادل معهم أحلى الكلمات
منتديات مكلانا
أهلا وسهل بكم في منتديات مكلانا
التسجيل من
هنا

وللدخول إلى المنتدى من
هنا

دردش مع أصدقائك وتبادل معهم أحلى الكلمات
منتديات مكلانا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
 


الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات Ljm7d

 

 الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mukallana

الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات Default6
mukallana


عدد المساهمات : 119
تاريخ التسجيل : 10/11/2011

الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات Empty
مُساهمةموضوع: الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات   الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات Emptyالجمعة نوفمبر 11, 2011 7:03 pm

الهويـة الحضرمية
مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية
لمحات ومحطات

د. عبد الله سعيد باحاج

20 مايو 2011م

تعتبر الهوية الحضرمية من أكثر الهويات العربية وضوحاً ورسوخاً، ولها سماتها وخصائصها المميزة، مما يجعلها محل اهتمام كثير من الباحثين والدارسين من العرب والأجانب، وتعقد من أجلها ندوات وملتقيات علمية عالمية، وخصوصاً فيما يتعلق بالآثار المترتبة على هجرة الحضارمة والذي له صلة مباشرة بالهوية الحضرمية. وذلك رغم ما تعرضت له هذه الهوية الحضرمية ومنذ نصف قرن مضى من محاولات للطمس والتدمير والتشويه.
ونظراً لاتساع الموضوع وشموليته وتعدد أبعاده ومحاوره مما يعني صعوبة – إن لم يكن استحالة – الإلمام به، وخصوصاً بالجهد الفردي، فإننا سنقتصر على تناول شذرات ولمحات من الهوية الحضرمية، وخصوصاً من حيث مكوناتها الواضحة ثم تأثيرها على الهوية الجنوبية، أي على سكان ما كان يعرف سابقاً باتحاد الجنوب العربي، وعبر المسيرة التاريخية الطويلة، وذلك تعزيزاً لحسن الجوار ولأواصر القربى ووشائج النسب والعلاقات الإنسانية والتاريخية التي جمعتنا في مراحل تاريخية عديدة حتى تستقيم الأمور بيننا على المودة والاحترام وقبول الآخر، وبما ينفع عامة الناس.
وتيـسيراً للقارئ الكريم فإننا وبعون الله تعالى سنطرح أهم ما لدينا في هذا الموضوع من خلال ثلاثة محاور هي:
أولاً: ماذا تعني الهوية؟ وما هي محدداتها ومكوناتها؟.
ثانياً: لمحات عن المحددات والمكونات الأساسية لهوية حضرموت بشرياً ومادياً.
ثالثاً: أهم المحطات التاريخية المؤثرة في التفاعل بين الهوية الحضرمية والهوية الجنوبية.
وسنتناول وبإيجاز فيما يلي المحاور السابق ذكرها:
أولاً... ماذا تعني الهوية؟ وما هي محدداتها ومكوناتها؟.
أن الهوية بمعناها اللغوي العام هي السمة أو الصفة وما يتصل بجوهر الأشياء. أما بمعناها السياسي والاجتماعي فتعني مجموعة من الصفات المتميزة التي تتجمع في شعب ما تميزه عما حوله من شعوب أخرى. وفي هذا التعريف تتقارب الشعوب المتجاورة في بعض الصفات والسمات، وتختلف في صفات وسمات أخرى. ويكون التمييز بين الشعوب المتجاورة على أساس التركيز لصفات معينة في هذا الشعب أو ذاك.
أما عن محددات ومكونات الهوية فهي إجمالاً تنقسم إلى مجموعتين أحداهما مادية وأخرى غير مادية. وعن المجموعة المادية للهوية فأهمها العرق والمكونات الجينية. وهو محدد عفى عليه الزمن ولم يعد معمولاً به اليوم في تحديد هوية الشعوب، نظراً لتداخل الأعراق وتمازجها في الشعب الواحد. غير أن هذا المحدد الجيني أو العرقي لا يزال يعمل به في بعض المناطق النائية أو المنعزلة أو المنغلقة على شعوب بذاتها. ولكن الأخطر في اعتماد هذا المحدد الجيني أو العرقي هو ما قامت عليه بعض الاتجاهات العنصرية الحديثة أو المعاصرة، ومنها الحركة الصهيونية والحركة النازية الألمانية والحركة العنصرية البيضاء في جنوب أفريقيا سابقاً. بل يقال أيضاً أن اعتماد الدولة الأموية على العنصر العربي في إدارة شؤون البلاد كان سبباً مباشراً في انهيارها. ولذلك كان من العار والمخزي أن يطلق بعض قادة صنعاء بعد استيلاء قواتهم على حضرموت والجنوب عام 1994م أن الفرع عاد إلى الأصل، بمعنى أن شعب حضرموت وبقية شعوب الجنوب العربي ما هم إلا فرعاً من سكان صنعاء وتعز والحديدة ومأرب وغيرها. وهذه نزعة عنصرية واستعلائية ليس لها أساس أو جذور وبالتالي فهي غير مقبولة جملةً وتفصيلاً.
أما المحدد الثاني للهوية فهو الأرض التي يعيش عليها السكان وبما تحويه من مظاهر طبيعية جامدة أو مظاهر حيوية ومن المظاهر الجامدة السطح والتربة وبعض عناصر المناخ كالمطر والحرارة والضغط الجوي والرياح وغيرها والثروات المادية الأخرى كالمعادن والنفط وغيرها، أما أهم المظاهر الحيوية فهي النبات والحيوان والكائنات الحية بما فيها الإنسان بالطبع. وهناك بعض التداخل بين تلك المظاهر الجامدة وهذه المظاهر الحيوية والتي تشكل جميعها الوعاء الذي يحتضن هوية أي شعب من الشعوب.
أما عن المحددات والمكونات غير المادية والتي هي بالفعل من يحدد هوية كل شعب فهي عديدة ويمكن إيجازها كما يلي:
1) التجانس الاجتماعي والعيش المشترك الآمن للسكان في مساحة ما من الأرض.
2) التاريخ المشترك والمتواصل، والتعرض الجماعي للمحن والمعاناة وكذلك للإنجازات الخلاقة، والسعي للتنمية الجادة بجهود متضافرة.
3) اللغة أو اللهجة الواحدة المفهومة لدى جميع أبناء المنطقة المعينة والاستخدام الموّحد في نطق الحروف والكلمات والفهم المشترك لدلالات الكلمات وما تعنيه.
4) وجود تراث شعبي واجتماعي متواتر جيلاً بعد جيل وتتراكم فيه الخبرات المكتسبة المتوارثة عبر الأجيال في مجالات الحياة المتعددة ومنها الإدارة والاقتصاد والخدمات والفنون والإبداع الفكري والعلمي واللبس والطهي وما يتعلق بالنشاط الزراعي والري والعمران والتجارة بفرعيها البحري أو البري وفنون الملاحة البحرية والاصطياد والصناعة والنشاط الاستخراجي وغيره من الأنشطة البشرية المعروفة، وكذلك في العادات والتقاليد الاجتماعية، وفي مواسم الأفراح والأتراح، وغيره مما له علاقة بحياة السكان وأساليب العيش الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وغيره مما لا يمكن حصره.
5) النظرة الواحدة أو المتقاربة إلى التطلعات والآمال المستقبلية.
6) وجود نظام سياسي أو إدارة سياسية تعبر فعلاً عن تطلعات وطموحات السكان وتخفف المعاناة عنهم.
وهذه بإيجاز أهم المحددات والمكونات للهوية عامة. وسنرى بعون الله تعالى إلى أي حد يمكن أن تنطبق على حالة شعب حضرموت، مما يجعلنا نقول وبثقة علمية تامة أنه شعب له هوية واضحة المعالم بمحدداتها ومكوناتها المادية وغير المادية.
ثانياً... لمحات عن المحددات والمكونات الأساسية لهوية حضرموت بشرياً ومادياً.
من أهم المحددات البشرية لهوية حضرموت ما يلي:
1) أن شعب حضرموت الذي ظهر على وجه الأرض وبأمر من الله عز وجل منذ حوالي خمسة آلاف عام وربما أبعد من ذلك قد عرف في أول أمره بشعب عاد أو قوم عاد نسبة إلى رجل يقال له (عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام). وكان شعب عاد هذا يسكن أرضاً تسمى الأحقاف وهي في نفس موقع وطبيعة حضرموت الحالية. والمعروف تاريخياً أن قوم عاد قد عاصروا نبي الله (هود) عليه السلام، وورد ذلك آيات من القرآن الكريم ومنها الآية الخمسين من سورة هود حيث قال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ) صدق الله العظيم.
وهناك اسم آخر يطلق على (هود) عليه السلام. وهو عابر. وتشير إليه بعض المصادر بأنه (عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح) عليه السلام. ومن عابر هذا أتى (قحطان) ومن قحطان ولد (حضرموت) والذي سميت باسمه هذه الأرض المعروفة اليوم بهذا الاسم. ومن المعروف أن قحطان والذي يعده أغلب المؤرخين أباً لكل العرب كان له مجموعة من الأبناء من بينهم حضرموت هذا الذي ذكرناه آنفاً وابن آخر اسمه (يعرب) والذي أنجب أبناً له اسمه (يشجب). ومن يشجب هذا ظهر (سبأ الأكبر) والذي ينسب إليه اليوم ما يسمى بالقبائل اليمنية. أي أن سبأ الأكبر هذا هو بمثابة حفيد لحضرموت بن قحطان. ومن يريد الاستزادة في ذلك يعود إلى المصادر والمراجع في هذا الشأن ومنها ذكراً لا حصراً ما كتبه الدكتور محمد عبد القادر بافقيه عن حضرموت في الموسوعة اليمنية الجزء الأول والصادرة عن مؤسسة العفيف في صنعاء عام 1991م وفي صفــ405ــحة وما بعدها. وكذلك ما كتبه القاضي عبد الوهاب الشماحي في كتابه (اليمن: الإنسان والحضارة) الصادر في القاهرة عام 1973م وفي صفــ35ــحة وما بعدها. وكذلك ما كتبه عبد الرحمن بن عبيد اللاه السقاف في كتابه (أدام القوت في ذكر بلدان حضرموت) الصادر في صنعاء عام 2002م عند كلمة (شعب هود).
ولهذا يرى البعض أن قبيلة (حضرموت) والتي نسبت إلى مؤسسها (حضرموت بن قحطان) هي من أقدم القبائل العربية في جنوب الجزيرة العربية وقبل أن تظهر القبائل السبائية المعروفة اليوم. ومن قبيلة (حضرموت) هذه ظهرت القبائل الأخرى في أرض حضرموت وأهمها سيبان والصدف والسكون والسكاسك وغيرها. واليوم نجد أن في حضرموت حوالي (13) قبيلة رئيسية بعضها ينحدر مباشرة من قبيلة حضرموت الأصلية، وبعضها مختلطة بغيرها من القبائل الوافدة. وقد قدّر البعض أنه من القبائل الثلاثة عشر الرئيسية في حضرموت تتفرع (66) بطناً ثم إلى (410) فخذاً. ويشكل أفرادها حالياً (60%) (وربما أكثر) من سكان حضرموت اليوم والمقدر عددهم حسب تعداد 2004م حوالي مليون نسمة ولا يدخل فيهم أعداد المغتربين في الخارج.
وما ذكرناه سابقاً يعني أن هناك تكوين قبلي وبشري قديم في هذه الأرض المسماة (حضرموت) مما يجعلها مميزة حتى وأن اختلط بعض قبائلها بغيرها من القبائل والشعوب الوافدة على أرض حضرموت. وهذا يجعل الهوية الاثنية – أن جاز التعبير – لها جذور وقواعد في حضرموت. ولعله من المفيد الإشارة هنا أن قوم عاد باستيطانهم لأرض الأحقاف أو حضرموت يعد أقدم استيطان وعمران بشري في الجزيرة العربية بحسب إشارة الدكتور محمد عبد القادر بافقيه في كتابه (تاريخ اليمن القديم) صفــ42ــحة.
2) أن مملكة حضرموت التي ظهرت في حدود عام 1500 قبل الميلاد أي منذ حوالي (3500) سنة مضت هي أول مملكة تظهر في جنوب الجزيرة العربية، أي قبل أن تظهر مملكة معين أو مملكة سبأ كما يقول الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف في صفــ23، 24ــحة من كتابه (المختصر في تاريخ حضرموت العام) الصادر في المكلا عام 2001م. وهذا يعني أن لحضرموت السبق والريادة في ظهور النظام السياسي والإداري في جنوب الجزيرة العربية مما يعزز هويتها الحضارية المميزة.
3) أن النشاط التجاري للحضارمة القدماء براً وبحراً قد ارتبط بما تنتجه أراضيهم من سلع ومواد مطلوبة عالمياً آنذاك ومنها اللبان والبخور والتي كانت من السلع الإستراتيجية في العصور القديمة، تماماً كحال النفط اليوم، فقد كانت أمم الأرض حينها في حاجة إلى البخور واللبان لإتمام طقوسهم الدينية وتنصيب الحكام في المعابد، وكذلك لتحنيط جثث الموتى وفي بعض الأغراض العلاجية وغيرها. وهذا التميز في التجارة الحضرمية قد أعطى هوية خاصة لهؤلاء الحضارمة في نشاطهم البشري هذا وأصبحوا معروفين بذلك. وقد ارتبط بهذا النشاط التجاري حركة ملاحية واسعة سيطروا بها على شؤون الملاحة في أجزاء كبيرة من المحيط الهندي وخاصة في سواحله العربية والإفريقية، بل وإلى شبه القارة الهندية وجزر الهند الشرقية، مما أعطى للحضارمة صفة مميزة عن غيرهم من سكان جنوب الجزيرة العربية. حتى أن بعض المؤرخين العرب المعاصرين أطلق عليهم (فينيقيو الجنوب) مقاربة وتمييزاً لهم عن (فينيقي الشمال) وهم الفينيقيون الذين سيطروا على الملاحة في البحر المتوسط.
4) أن الهجرات البشرية التي انطلقت من حضرموت في العصور القديمة والعصور الإسلامية والحديثة تعزز مكونات الهوية الحضرمية، ومنها هجرة قوم عاد الثانية والتي خلفت قوم عاد الأولى بعد أن أصابهم عقاب الله عز وجل لعصيانهم وكفرهم برسالة نبي الله هود عليه السلام. وحيث دخلت عاد الثانية وهي الفئة المؤمنة برسالة النبي هود عليه السلام في صراع مع مجموعة منها سميت بقوم ثمود ثم ارتحلت هذه المجموعة إلى شمال غرب الجزيرة العربية حيث منطقة مدائن صالح، وهناك أنزال عليهم بأمر الله عز وجل الرسالة على نبي الله (صالح) عليه السلام وقصة ذلك معروفة وما جرى لهم مع الناقة مذكور في القرآن الكريم. وفي مرحلة تالية انطلقت من حضرموت كوكبة من رجالها تجاراً وملاحين واستقروا في جزر البحرين في الخليج العربي واختلطوا بسكانها الأصليين، ومن البحرين إلى سواحل بلاد الشام واختلطوا هناك كذلك بأقوام أخرى وأقاموا ما عرف بالشعب الفينيقي والذي انطلق بدوره إلى سواحل إفريقيا الشمالية وجنوب أسبانيا. وقد أعطى الحضارمة في هذه المسيرة الطويلة من الهجرة سمات من حضارتهم الراقية مما جعل هؤلاء الفينيقيين يطلقون على أحد مستوطناتهم في الساحل التونسي اسم (حضرموت) وهي المسماة اليوم (سوسة)، وذلك تيمناً بالمحطة الأولى التي انطلق منها أجداد الفينيقيين وهي (حضرموت) بجنوب الجزيرة العربية. ويمكن الرجوع في بعض تفاصيل هذه الهجرات الحضرمية قبل الإسلام إلى الكتيب أو الكتاب الذي أصدرناه بعنوان (هجرة الحضارمة في العصور الغابرة: عصور ما قبل الإسلام).
أما في العصور الإسلامية فقد كان للمجاهدين الحضارمة الدور الملحوظ في حركة الفتوحات الإسلامية في كل من الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وبرقة وشمال إفريقيا والأندلس وغيرها. ومن هؤلاء ظهر العلامة ابن خلدون والذي أقر وبخط يده أنه من سلالة حضرمية هاجرت إلى الأندلس ثم عادت إلى تونس بعد سقوط غرناطة عام 1492م واستقرت فيها وكذلك مجموعة من القضاة والعلماء والولاة الحضارم الذين تولوا شؤون العلم والإدارة والقضاء في مصر وبلاد الشام وغيرها.
ومن الهجرات الحضرمية المعروفة في العصر الفاطمي هجرة بن هلال. وقد قدموا قبل ذلك بزمن غير معروف من هينن وقعوضة بشمال وادي حضرموت واستقروا في نجد ثم في الحجاز ثم في صعيد مصر ثم أخيراً في برقة بليبيا وإلى بلاد القيروان وحيث تنسب مدينة سيدي بو زيد في وسط البلاد التونسية إلى (أبي زيد الهلالي)، وكذلك انتشر الهلاليون في الجزائر وبلاد مراكش بالمغرب الأقصى ثم إلى موريتانيا أو بلاد شنقيط وحول نهر السنغال وغرب إفريقيا. ولا شك أن هذه الهجرات البشرية من حضرموت عززت مكانة حضرموت وهويتها لدى الشعوب التي عرفت وتعاملت مع الحضارمة.
وفي العصر الحديث نجد أن تاريخ هجرة الحضارمة عاملاً معززاً لهويتهم الحضارية والتي أصبحت راسخة ومحددة المعالم لدى شعوب الأرض ومنهم شعوب القارة الهندية وشرق أسيا وشرق إفريقيا بالإضافة إلى سكان الجوار في الجزيرة العربية وبلاد الرافدين والشام ووادي النيل وغيرها من المناطق، حيث استطاع هؤلاء المهاجرون الحضارمة أن ينقلوا إلى هذه المهاجر الكثير من القيم والسلوكيات الإيجابية الدالة على شخصية وهوية متميزة لدى الإنسان الحضرمي وما يتمتع به من أمانة واستقامة وحسن خلق وتعامل إيجابي وتمسك بالدين والتزام بما أوجب الله من نهي عن المنكر وأمر بالمعروف وإغاثة للمنكوبين وتسامح مع الآخرين والمبادرة إلى فعل الخير وعدم انتظار للثناء أو الأجر إلا من الخالق تبارك وتعالى. وغيرها من فضائل الأعمال والأخلاق التي أمر بها الله عز وجل عبادة المسلمين وأوصى بها سيدنا محمد .
ولو اقتصرنا فقط على أثر هجرة الحضارمة عبر التاريخ ودورها في ترسيخ وتعزيز هوية حضرموت الحضارية لكان ذلك كافياً لنا لنلمس محددات هذه الهوية التي أراد لها عز وجل أن تكون ثابتة الأركان وراسخة الدعائم مع تعاقب الدهور والعصور.
5) الكم الهائل والمتنوع والثري من التراث الاجتماعي والثقافي والفكري والعلمي والعمراني والاقتصادي وكل ما جمعه وتداوله ومارسه الحضارمة عبر تاريخهم الطويل في العادات والتقاليد الاجتماعية والفنون والآداب واللباس والطهي والعمران وتخطيط المدن والطرق والصناعة والزراعة والري والملاحة البحرية والتجارة البرية، وكل ماله صلة بحياة البشر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يجعلنا بحق أمام حياة حضارية حافلة ومزدهرة، وتعطي لنا نموذجاً متكاملاً عن هوية متكاملة، وهي منّة ومكرمة من الخالق تبارك وتعالى لشعبنا الحضرمي. ولا ينبغي أن يغيب عن بالنا من قبل ومن بعد أن الكمال لله وحده عز وجل.
6) أن الموقف الجماعي لشعب حضرموت وبأغلبيته الساحقة والرافضة للقات تعاطياً وتداولاً هو بلا شك يؤكد خصوصية الهوية الحضرمية والتي ترفض كل ما يمس عقل وبدن ونفس وحياة الإنسان بأي ضرر وفي ذلك يستوي القات لدى الحضارمة بالمخدرات والمسكرات وكل ما ينهى الإسلام عن تعاطيه أو التجارة فيه. ولذلك قلنا – ولا زلنا وسنظل نقول – دوماً وأبداً أن جريمة إدخال القات ونشر تعاطيه وتقنين ذلك والسماح به والتغاضي عنه لا شك أنها جريمة نكراء تدين الذين فعلوها والذين سكتوا عنها أو برروا استمرارها. وهي محاولة وضيعة وبشعة للنيل من عزة وكرامة هذا الشعب الحضرمي وبقصد المس من هوية وخصوصية الحضارمة في رفضهم لكل ما هو قبيح ومنكر. وعلى الذين ساهموا في إدخاله من أبناء حضرموت أو روجوا له بالتعاطي أو التغاضي أو التبرير أن يقلعوا عن ذلك وإلا فإن التاريخ لن يرحمهم وسيدينهم وسيوصمون بالعار والخزي لأجيال متعاقبة من أبناء حضرموت إلى أن يشاء الله عز وجل.
أما عن المحددات المادية للهوية الحضرمية فهي باختصار كل ما خلفه الحضارمة من ماديات أثرية وكم مادي حضاري لا تزال بعض المناطق تحتفظ بنماذج أو صور له، ومنها أشكال العمران والمباني وقنوات الري والطرق والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية كالأواني وأدوات الطبخ والمأكل والمشرب والغسل واللباس والزينة والنظافة والترفيه وأدوات الكتابة والتدوين والطباعة والصباغة والحياكة، وما ابتدعوه من وسائل الاصطياد ووسائط النقل البحري والبري بما في ذلك بناء السفن والقوارب وأدوات الدفاع عن النفس من المعتدين عليهم من البشر ومن كواسر الوحوش الضارية. وغير ذلك مما ينفع الناس في حياتهم. ولا شك أنه من الصعب حصر كل الأدوات التي استخدمها الحضارمة عبر التاريخ، ولعلها تتطلب جهداً علمياً جماعياً منظماً. ويكفي أن نشير إلى أن كل ما استخدمه الحضارمة من أدوات وابتدعوه من وسائل في حياتهم المعيشية هو في النهاية يمثل الجانب المادي لهويتهم الحضارية. وهو بلا شك يختلف في بعض وربما في كثير من خصائصه عما لدى جيران الحضارمة من أدوات ووسائل مستخدمة مع اختلاف المصطلحات والكلمات الدالة على هذه الأدوات والوسائل، مما يؤكد بشكل أو آخر على وجود هوية واضحة المعالم والأبعاد للحضارمة، وهي لا تزال قائمة إلى اليوم بفضل الله عز وجل. وعلى القائمين والحريصين بجد على هوية حضرموت أن يحافظوا على هذه المقتنيات لتكون تراثاً يعتز به الأبناء بعد الآباء والأجداد.
ثالثاً... أهم المحطات التاريخية المؤثرة في التفاعل بين الهوية الحضرمية والهوية الجنوبية.
مع أنه من الصعب – إن لم يكن من المستحيل – حصر هذه المحطات التاريخية والإحاطة بها كاملةً إلا أنه يمكن القول أن الموقع الجغرافي المتوسط لحضرموت في جنوب الجزيرة العربية بين إقليمي عُمان واليمن وإطلالتها على جزء مهم من السواحل الشمالية للمحيط الهندي أي على بحر العرب ومع ما تمثله جزيرة سقطرى من موقع متقدم لحضرموت إلى جنوب بحر العرب والمياه الدولية للمحيط الهندي، كل ذلك وغيره قد ساهم في اقتراب الحضارمة من شواطئ القرن الإفريقي وإفريقيا الشرقية بوجه عام وكذلك من سواحل شبه القارة الهندية، وهذا مما أعطى للحضارمة قدرة أفضل وبفضل الله عز وجل على إيصال تأثيرهم الحضاري إلى هذه المناطق بل وإلى أبعد منها شرقاً وغرباً وشمالاً. كما أن الحضارمة بلا شك قد استفادوا فعلياً من الخير الذي لدى سكان تلك المناطق الإفريقية والآسيوية المطلة على المحيط الهندي.
وبما أننا بصدد التركيز على أثر الهوية الحضرمية على الهوية الجنوبية أي على أخوتنا من سكان ما يعرف سابقاً بالجنوب العربي ومن خلال متابعة للمسيرة التاريخية لذلك الأثر أو التأثير، أي من خلال المحطات البارزة في تلك المسيرة فإننا سنختصر تناولنا لتلك المحطات التاريخية على النحو التالي:
1) في العصور القديمة أي قبل ظهور الإسلام وحيث كانت حدود مملكة حضرموت – كما قلنا – تصل إلى شرقي بيحان وشرقي أبين غرباً، وفي هذا كانت أراضي العوالق في نصاب والصعيد وغيرها وكذلك أراضي الواحدي في ميفعة وغيرها جزءاً من حضرموت. وهذا يعني أن للحضارمة اتصالاً حضارياً بسكان بيحان وأبين وعدن ولحج والضالع ويافع وغيرها من أراضي الجنوب العربي، بل أنه يمكن القول أن بعض أجزاء من يافع تعد فعلياً البوابات الغربية لحضرموت التاريخية، ولذلك يمكن اعتبار سكان يافع بمثابة حراس للبوابات الغربية هذه لحضرموت القديمة. وربما لهذا السبب اندمج سكان يافع الذين قدموا إلى حضرموت قبل حوالي ستة قرون في نسيج المجتمع الحضرمي ولم يشكلوا عبئاً عليه، بل كانوا إضافة إيجابية لمجتمعنا الحضرمي وبما ساهموا به من دفاع عن أراضي حضرموت ضد الغزاة والطامعين من الجيران ومن غيرهم، وكذلك بما ساهموا به من إنشاء سلطنات وإمارات كان لها الدور الريادي في النهضة والتحديث في حضرموت إلى وقت قريب. ولا شك أن ليافع وبحكم كونها منطقة اتصال بين حضرموت وبقية المناطق الغربية في الجنوب العربي أثر في نقل سمات ومزايا الهوية الحضرمية إلى تلك المناطق الغربية، وبما فيها أبين وعدن ولحج والضالع وغيرها، خصوصاً وأن خطوط التجارة الحضرمية الناقلة لمنتجات حضرموت في العصور القديمة من البخور واللبان كانت تمر بأراضي وموانئ المناطق الغربية هذه وخاصة ميناء عدن.
2) خلال المرحلة الإسلامية والتي لا تزال سارية إلى اليوم نجد الكثير من الملامح لأثر الهوية الحضرمية في الهوية الجنوبية، ويمكننا متابعة ذلك بشكل متدرج. ونظراً لطول هذه المرحلة الإسلامية فإننا سنتناولها عبر خمس محطات على النحو التالي:
‌أ) المحطة الأولى وهي من عام 631م إلى عام 750م أي منذ اعتناق أهل حضرموت الإسلام طواعية في عام 631م وانتهاء بسقوط الدولة الأموية في عام 750م. وخلال هذه المرحلة كان للحضارمة الدور الملحوظ في حركة الجهاد الإسلامي والفتوحات الإسلامية، والتي انطلقت من أراضي وموانئ حضرموت وأهمها ميناء الشحر، وكذلك من أراضي وموانئ الجنوب العربي وخصوصاً ميناء عدن، حيث نقل الحضارمة بعض سماتهم الحضارية إلى أرض الجنوب. وذلك إلى جانب الدور المستمر للحضارمة في النشاط التجاري والذي عرفوا به طوال تاريخهم منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام والمنطلق من أراضيهم وموانئهم ومستخدمين في ذلك أراضي الجنوب العربي وموانئه كنقاط انطلاق أو عبور ومن ثم اتصال مع الخارج بحراً أو براً.
والمعروف أنه في السنوات الأخيرة للدولة الأموية ظهرت الحركة الأباضية في حضرموت بزعامة طالب الحق عبد الله بن يحيى الكندي والذي أمتد حكمه من حضرموت إلى عدن إلى صنعاء ثم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وذلك من عام 746م إلى عام 747م.
‌ب) المحطة الثانية وتمتد من عام 750م إلى عام 1521م أي مع بداية العهد العباسي وتنتهي بوصول القوات العثمانية إلى حضرموت لمساندة السلطان بدر بو طويرق ضد الغزاة البرتغاليين على الشحر. وخلال هذه المرحلة كانت حضرموت جزءاً من الدولة العباسية ثم جزءاً من الدولة الفاطمية ثم جزءاً من الدولة الأيوبية. وكل هذه الدول جعلت من حضرموت جزءاً من ولاية كبرى في جنوب الجزيرة العربية مقرها صنعاء ويأتمرون بأمر الخليفة العباسي في بغداد أو الفاطمي أو الأيوبي في القاهرة، وأن حدثت حركات تمرد في هذه الولاية بجنوب الجزيرة العربية والمسماة مجازاً (ولاية اليمن)، وهي أشبه ما تكون بمحافظة في الدولة المركزية في بغداد أو القاهرة، وكما حدث في عهد الوالي العباسي محمد بن زياد في عام 819م ومن أتى بعده والذين استقلوا بحكم هذه الولاية، وكذلك ما حدث مع الصليحيين الذين كانوا نواباً عن الفاطميين في حكم صنعاء في عام 1047م والذين جعلوا من بني معن ثم من بني زريع حكاماً في عدن والجنوب وحضرموت، ثم مع الرسولين الذين كانوا نواباً عن الأيوبيين في حكم اليمن منذ عام 1171م، وهم الذين جعلوا من بني طاهر حكاماً على عدن وحضرموت. وهذا يعني أن الحكم في صنعاء خلال هذه العهود الثلاثة أي العباسي والفاطمي والأيوبي لم يكن مستقلاً وإنما كان حكام صنعاء ولاة تابعين لدولة مركزية في بغداد أو القاهرة. وكان هؤلاء الولاة من زياديين أو صليحيين أو رسوليين يعينون حكاماً لإدارة شؤون الأقاليم في الجنوب وعدن وحضرموت، وهم أشبه ما يكونوا بمدراء عموم لمديريات ونواباً عن محافظين. ومن هؤلاء كما أشرنا بنو معن وبنو زريع نواباً عن الصليحيين وبنو طاهر نواباً عن الرسوليين.
والمهم أنه خلال هذه المرحلة أو المحطة اتصل سكان حضرموت مع سكان اليمن وعدن والجنوب العربي عامة. وعرف سكان هذه المناطق الكثير من السمات والصفات الإيجابية للحضارمة فاستفادوا منها، وبهذا انتقلت سمات من الهوية الحضرمية إلى هؤلاء. وبالمقابل استفاد الحضارمة من الصفات الإيجابية لدى هؤلاء.
‌ج) المحطة الثالثة وتبدأ من عام 1522م حيث نزلت القوات العثمانية البحرية شواطئ حضرموت لمساندة القوات الكثيرية في صد العدوان البرتغالي البحري على الشحر، وتنتهي في عام 1888م بتوقيع اتفاقية الحماية البريطانية مع السلطان عوض بن عمر القعيطي. وأهم ما في هذه المحطة التاريخية أنها أعادت للحضارمة الفرصة والإمكانية في إقامة الدولة المستقلة في أرض حضرموت، تماماً كما كان الحال في العصور الخوالي، أي قبل ظهور الإسلام، ومع استثناء الفترة التي كانت في حضرموت جزءاً من دولة الرسول  وخلفائه الراشدين، أي من عام 631م إلى عام 660م، وحيث كانت إدارتها تتم مباشرة من المدينة المنورة مركز الدولة الإسلامية آنذاك. والمهم أنه خلال هذه المحطة التاريخية الثالثة أي من عام 1522م إلى عام 1888م قد استطاع الحضارمة – كما أشرنا – تأسيس دولة ممتدة الأرجاء مهابة في القدر والاحترام فهي تمتد من ظفار شرقاً إلى شرقي بيحان وشرقي أبين غرباً، وهو ما عرف بدولة أبي طويرق الكثيري، وفيها استطاع الحضارمة نقل الكثير من سماتهم الإيجابية وخصائص هويتهم إلى معظم أجزاء الجنوب العربي، بما في ذلك أبين وعدن ولحج والضالع وغيرها، وحيث كانت مساحة دولة حضرموت آنذاك تمثل حوالي (85%) من مساحة ما عرف بالجنوب العربي الممتد من باب المندب إلى شرقي المهرة.
‌د) المحطة الرابعة وهي مختصة بزمن الحماية البريطانية والتي بدأت من عام 1888م وانتهت بالاستقلال في عام 1967م.
ولعل هذه المحطة التاريخية الرابعة من أزهى المحطات التاريخية التي استطاع فيها الحضارمة نقل صفاتهم الإيجابية لهويتهم الحضارية ليس إلى بقية أراضي الجنوب العربي فقط وإنما كذلك إلى مناطق أخرى أبعد وأوسع في شبه الجزيرة العربية وإلى أراضي أبعد في بلاد الرافدين والشام ووادي النيل وكذلك إلى السواحل الإفريقية والآسيوية المطلة على المحيط الهندي وآفاق أخرى بعيدة.
وفيما يتعلق بأثر الحضارمة في سكان عدن والجنوب العربي وما نتج عن ذلك من نقل للصفات الإيجابية للهوية الحضرمية على هؤلاء السكان يمكن أن نشير بعجالة إلى أن الحضارمة خلال هذه الفترة والممتدة لحوالي ثمانية عقود من الزمن قد أسسوا جالية حضرمية نشطة وفاعلة في أهم المراكز الحضرية في الجنوب العربي وخاصة في عدن وكذلك في كل من أبين ولحج. وقد كان لأبناء حضرموت في عدن خصوصاً دوراً إيجابياً وريادياً في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والوطنية بوجه عام. وظهر من ذلك أسماء معروفة وبيوتات تجارية واقتصادية يشار إليها بالبنان. ورغم أنه أطلق على أفراد هذه الجالية الحضرمية مصطلح (شحارية) ومفردها (شحاري) نسبة إلى القادمين من الشحر، إلا أن المعني والمراد بذلك هو كل حضرمي يسكن في عدن حتى لو لم يأت من الشحر، حيث أن الكثير من الحضارمة في عدن قد قدموا من مدن وادي حضرموت ومنها سيئون وتريم وشبام والقطن وغيرها وكذلك قدم بعضهم من مدن الساحل ومنها المكلا والشحر وغيل باوزير والحامي والديس الشرقية وغيرها. ولا شك أن وجود هذه الجالية الحضرمية النشطة والفاعلة في عدن وفي بقية أجزاء الجنوب العربي كان عاملاً مهماً في صبغ عدن وهذا الجنوب العربي بصبغة حضرمية مميزة وبسمات ملموسة من الصفات الإيجابية من مكونات الهوية الحضرمية والضاربة بجذورها في عمق التاريخ، مما يعزز القول بالامتداد الحضاري لحضرموت وبآثارها الإيجابية إلى هذه المناطق الجنوبية وهي التي لم تكن في يوم من الأيام محسوبة ضمن دولة حضرموت التاريخية.
وبقدر ما أفاد الحضارمة أخوتهم في عدن والجنوب العربي من السمات الإيجابية لديهم وما تختزنه الهوية الحضرمية من خير بقدر ما استفاد الحضارمة كذلك مما كان لدى هؤلاء من خير وإيجابيات فأضافوه إليهم، مما عزز الهوية الحضرمية وجعل سماتها أكثر انفتاحاً وأكثر صلابة وصلاحية لما يخدم الإنسان في يومه وغده وكافة ضروب معيشته.
‌ه) المحطة الخامسة والأخيرة وهي التي تبدأ من 30 نوفمبر 1967م أي من تاريخ الاستقلال والذي جعل من حضرموت مجرد محافظة باليمن الجنوبي وتمتد إلى يومنا هذا وبفترة تصل إلى ما يقرب من نصف قرن، أي 44 سنة.
ورغم أن هذه المرحلة قد سلبت من حضرموت هويتها السياسية وجعلت منها جزءاً من هوية سياسية فرضت عليها وهي الهوية السياسية اليمنية، حيث لم يكن لسكان حضرموت آنذاك أي خيار فيما فرض عليهم حينها، إلا أن حضرموت لا تزال – وستبقى بأمر الله عز وجل – تحتفظ بهويتها الحضارية والثقافية والاجتماعية التي عرفت بها منذ حوالي خمسة آلاف عام ولم تطمس بعد رغم كل المحاولات التي بذلت وتبذل بين حين وآخر في هذا السبيل.
وقد أوجد الحضارمة شكلاً راقياً من التعامل العقلاني والحكيم والمتزن وكوسيلة دفاعية للحفاظ عن هويتهم الثقافية والاجتماعية والحضارية هذه التي غيبت عنهم وبين ما فرض عليهم من هوية سياسية لا تمت إليهم بصلة وهي الهوية السياسية اليمنية فأصبحوا يشيرون إلى أنفسهم بأنهم حضارمة يحملون بطاقات هوية رسمية يمنية أو جوازات سفر رسمية يمنية، أي أنهم حضارمة مواطنون باليمن الديمقراطية (سابقاً)، أو حضارمة مواطنون بالجمهورية اليمنية (حالياً)، وحيث أنه لا يعنيهم كثيراً اسم الدولة التي تحكمهم بقدر ما يعنيهم وضعهم الفعلي فيها ومن ذلك إحساسهم الداخلي بأنهم بالفعل حضارمة لا يمنيين.
ورغم هذا الوضع غير المريح لغالبية الحضارمة إن لم يكن لجميعهم فإن دورهم في نقل الصفات الإيجابية لهويتهم ودورهم الفاعل في تنمية أوضاعهم لم يتوقف، فقد ساهموا بكل جد وإخلاص في بناء اليمن الديمقراطية خلال الفترة من عام 1967م إلى 1990م، وكذلك ساهموا في بناء دولة الجمهورية اليمنية منذ عام 1990م. ورغم ما تعرضوا له من تهميش وإقصاء بل واستغلال غير مبرر من عام 1994م وإلى اليوم، إلا أنهم لا يزالون يبذلون ما يستطيعون من جهد ومن طاقة للحفاظ على هويتهم الحضارية والتي كرمها الله عز وجل بأن جعلها محفوظة هذا العمر الطويل والذي يربو على خمسة آلاف سنة. وكرمها كذلك بأن جعلها لا تقوم على الدم أو العرق أو نقاء العنصر أو المكونات الجينية وإنما جعلها هوية حضرمية تقوم في الأساس على القيم الأخلاقية والحضارية والإنسانية التي أتى بها ديننا الإسلامي الحنيف وأكدت عليها أحاديث وسيرة سيدنا محمد  ولما ينفع ويصلح حال الإنسان في كل زمان ومكان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mukallana.yoo7.com
 
الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها
» مشاهير الشخصيات الحضرمية
» طبخ "الباخمري" بالطريقة الحضرمية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مكلانا :: تعرف على حضرموت عامة :: ::ثقافة وتاريخ حضرموت ::-
انتقل الى: