منتديات مكلانا
أهلا وسهل بكم في منتديات مكلانا
التسجيل من
هنا

وللدخول إلى المنتدى من
هنا

دردش مع أصدقائك وتبادل معهم أحلى الكلمات
منتديات مكلانا
أهلا وسهل بكم في منتديات مكلانا
التسجيل من
هنا

وللدخول إلى المنتدى من
هنا

دردش مع أصدقائك وتبادل معهم أحلى الكلمات
منتديات مكلانا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
 


حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها Ljm7d

 

 حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mukallana

حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها Default6
mukallana


عدد المساهمات : 119
تاريخ التسجيل : 10/11/2011

حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها Empty
مُساهمةموضوع: حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها   حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها Emptyالأربعاء نوفمبر 16, 2011 7:27 pm

حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها
رؤيا مقدمة من جبهة إنقاذ حضرموت إلى مؤتمر توحيد صف الجنوبيين المنعقد في القاهرة من 19-21 نوفمبر 2011م


بقلم: د.عبــــــــــــد الله باحاج
أولاً... كلمات لابد منها للعبرة والتاريخ: حضرموت في قبضة اليمن الجنوبي.
منذ السابع عشر من سبتمبر 1967م ارتبط تاريخ حضرموت وخلال ربع قرن مع ما كان يعرف سابقاً بالجنوب العربي، وذلك حين سيطر أفراد من (الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل)، وبدعم مباشر وملحوظ من قطاعات عسكرية من الجيش البدوي الحضرمي – والذي أسسه وشكله العسكريون البريطانيون في حضرموت – على مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية الحضرمية آنذاك.
وأدى ذلك إلى سقوط هذه السلطنة القعيطية، ومن ثم سقطت السلطنة الكثيرية الحضرمية وعاصمتها سيئون في 2/10/1967م. وقد جرى حينها وبعدها تساؤل كبير حول هذا السقوط السريع لهاتين السلطنتين، خصوصاً مع المغادرة المرتجلة وغير المعلنة للمستشار البريطاني المقيم في المكلا مع كافة موظفيه أراضي حضرموت قبل 17/9/1967م بعشرين يوماً. والمعروف أن هاتين السلطنتين كانت حينئذٍ تحت الحماية البريطانية، وكانتا موعودتان بالاستقلال في يناير من عام 1968م ضمن دولة حضرمية واحدة. وهذا مما يلقي ظلالاً من الشك والريبة فيما جرى حول كيفية سقوط مدينة المكلا في 17/9/1967م، ودون مقاومة تذكر.
وفي الثلاثين من نوفمبر أعلنت (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) تحت قيادة الجبهة القومية السالف ذكرها، وجعلت من عدن عاصمة لها. وأصبحت حضرموت وبسلطنتيها السابقتين القعيطية والكثيرية مجرد محافظة في هذه الجمهورية. وفي السابع عشر من ديسمبر من عام 1967م صدر في عدن قرار جمهوري رقم (19) خاص بالتقسيم الإداري في اليمن الجنوبية وبجعلها ست محافظات، وألغيت فيه كل الأسماء التاريخية والجغرافية المعروفة لهذه المحافظة وأعطيت لها أرقاماً. وكان نصيب حضرموت، وهي ذات الوزن الحضاري والتاريخي المعروف، أن تكون في أواخر القائمة الرقمية أي الرقم قبل الأخير فسميت (المحافظة الخامسة)، ويبدو أن حكام اليمن الجنوبية كانوا ينظرون إلى حضرموت من هذا المنظار المتدني، رغم أن حضرموت تشكل أكثر من ثلثي مساحة اليمن الجنوبية، وتضم من السكـان مالا يقل عن نصف سكان هذه الجمهورية، ولديها من الموارد المستغلة أو المخزونة ما يصل إلى حوالي (60%) مما لدى الجمهورية الجنوبية. وهي ذات جذور تاريخية وحضارية ضاربة في الأعماق وتغوص لأكثر من خمسة آلاف عام ظلت خلالها محتفظة باسمها التاريخي والحضاري (حضرموت)، كما أن آثارها الإنسانية والاجتماعية امتدت إلى أصقاع واسعة من العالم فشملت الشواطئ الآسيوية والإفريقية للمحيط الهندي وبقاع أخرى في الوطن العربي والعالم. وقيل أن الرسول قد أطلق على بحر العرب (بحر حضرموت)، نظراً للنشاط الملاحي والتجاري الملحوظ للحضارمة على شواطئ هذا البحر.
ويبدو أن كل ذلك لم يكن وارداً أو معروفاً أو مهماً في ذهن وعقلية من تجرأوا على شطب اسم حضرموت واستبداله برقم يثير الكثير من السخرية والتهكم والاستهزاء، ويجعل مبتدعيه في مجال التندر والفكاهة، ويبعد عنهم صفة الحكام الصالحين الذين ينشدون الخير لوطنهم ولجماهيرهم.
ولم يقف الأمر عند حد شطب اسم حضرموت وشطب الكثير من الأسماء التاريخية العريقة والمعروفة في حضرموت، وبعضها أسماء لأحياء مدن ومعالمها التاريخية والحضارية واستبدالها بأسماء ومسميات لا علاقة لها بحضرموت أو حتى بالعروبة أو الإسلام، ومنها إطلاق اسم امرأة روسية على بلدة دمون الملاصقة لمدينة تريم، مما أثار حنق وغضب أهالي دمون، بل تعدى ذلك إلى ممارسات (إرهابية) وخاطئة نشرت الرعب والخوف في صفوف الأهالي الآمنين، وذلك منذ السابع عشر من سبتمبر 1967م. وقد طالت هذه الممارسات الإنسان الحضرمي في أمنه واستقراره وهو يشاهد أمام عينيه عمليات البطش القومي والاشتراكي قتلاً وسحلاً وتعذيباً وتشريداً وهدم لكل المقومات الإيجابية والحضارية للمجتمع الحضرمي والأرض الحضرمية ولم يسلم منها بشر أو شجر أو حجر. وكانت هناك رغبة محمومة في القضاء على الهوية الحضرمية لطمسها وإبادتها واستبدالها بهوية أخرى غريبة عن الإنسان الحضرمي لا تربطه بها علاقة غير الجوار الجغرافي البحث، فتنكد حال أهل حضرموت وضاقت بهم سبل العيش الكريم والآمن على أراضيهم، وسعت مجاميع منهم إلى الرحيل والهجرة والاغتراب في أرض الله الواسعة، علهم يجدوا أرضاً آمنه يستقرون عليها. أما من لم يتمكن من الهجرة والفرار من أرض (النعيم القومي والاشتراكي) فقد أصبح أحد ثلاثة: أما منافقاً لسلطة ظالمة وباغية وصامتاً على ما تفعله من تنكيل بمواطنيه نظير دريهمات ملوثة بالخزي والعار، وأما منزوياً على نفسه تأكله الحسرة والندامة على ما وصل إليه حاله وحال بني جلدته من بؤس وشقاء، ولم يكن أمامه من مخرج إلا الدعاء من الله عز وجل صباح ومساء أن يزيل عنه وعن وطنه هذه الغمة، وأما من أخذته عزة نفسه وكرامته وشجاعته إلى مقاومة هذا الظلم قولاً أو فعلاً فكان مصيره معروفاً، إما السجن والتعذيب أو تحت الثرى.
ولعل الله تبارك وتعالى أراد لهذا الشعب الحضرمي المكلوم في أمره والمنكّل به في ضروب معيشته أن يخفف عنه شيئاً يسيراً ودون أن يرفع عنه وطأة المعاناة والشقاء حيث صدر في عدن في مارس من عام 1980م قرار جمهوري بإعادة الأسماء التاريخية والجغرافية المعروفة إلى أسماء المحافظات والمديريات والمراكز الإدارية باليمن الديمقراطي وإلغاء كل المسميات السابقة القائمة على الأرقام أو الاتجاهات لهذه المحافظات والمديريات والمراكز الإدارية.
وكان ذلك قليل من كثير مما كان ينتظره الحضارمة وبقية سكان اليمن الديمقراطية آنذاك من حكامهم في عدن في ظل المعاناة والمكابدة والأزمات التي كانوا يواجهونها، بل أنها كانت تزداد ضراوة مع كل وجبة من وجبات الصراع بين الرفاق الماركسيين وبنزعاتهم القبلية والمناطقية، وكأن الاشتراكية لم تعمل شيئاً في تغيير أو تبديل طباعهم أو أخلاقهم أو أفكارهم. والطريف أن هذه الوجبات من الصراع يطلق عليها أهل عدن (الفحسات جمع فحسة)، وحيث تعود الحضارمة ومعهم بقية سكان الجنوب على هذه الوجبات أو الفحسات المميتة منذ الإطاحة بأول رئيس للجمهورية في عام 1969م ثم مع الإطاحة بالرئيس الثاني في عام 1978م وأخيراً بالكارثة الكبرى في عام 1986م، والتي أفضت إلى أن يقفز قادتها إلى فخ الوحدة في عام 1990م بدون وعي أو تبصر أو حتى استشارة شعبية، وباندفاع جنوني أشبه ما يكون بالعمل الانتحاري العقيم، والبعيد كل البعد عن صفة الحاكم العاقل، ناهيك عن الحاكم الصالح، مما يجعل الكل يجمع على أن هناك خللاً ما في طريقة تفكير وعقول هؤلاء الحكام في اليمن الديمقراطية.
وفي محاولة بائسة ويائسة للخروج من هذا الفخ المحكم علينا بإطباق من كل جانب، وبشرعية (دستورية) في انتخابات برلمانية حصل فيها الجنوبيون على كل المقاعد التي لهم في مجلس النواب والتي لا تتعدى (20%) من جملة مقاعد هذا المجلس تداعى بعدها قادتنا أو من تبقى منهم، أو بالأحرى (جرجروا) إلى حرب خاسرة في صيف 1994م كنا فيها الطرف الأضعف لأن جيش حزبنا هو الذي يواجه فقط، وبلا سند شعبي، وبتراكمات هائلة من الأخطاء القاتلة بدأت منذ السابع عشر من سبتمبر 1967م وما بعده. بينما الطرف الآخر كان جيشاً تسنده قوى غفيرة لكل منها مصلحة في الوصول إلى الانتصار علينا وإخضاعنا لسيطرتهم ونهب ثرواتنا، فعمّدت هيمنة صنعاء علينا بالدم والأنفس والأموال التي دفعت بسخاء لجعلنا في النهاية عبيداً وأرقاء، ولتستباح أرضنا وكرامتنا، بل وتزهق أرواحنا وعلى مسمع ومرأى القاصي والداني، فكنا كالأيتام على موائد اللئام لا حول لنا ولا قوة.
وقبل أن يطل الربيع العربي على أمتنا العربية والإسلامية وعلى العالم أجمع بأزهاره وأنواره ونيرانه وينطلق من مدينة سيدي بوزيد في قلب الأراضي التونسية وفي موطن بني هلال بجذورهم الحضرمية العربية المعروفة ويهز عروش الطغاة العرب، فإننا في حضرموت وفي الجنوب عامة كنا نناضل ونكافح من أجل استعادة الحقوق الضائعة ليس منذ الثاني والعشرين من عام 1990م وما تلاه من تداعيات في حرب صيف 1994م، بل كذلك لاستعادة الحقوق الضائعة منذ ما سمى بالاستقلال في 30 نوفمبر 1967م. وكنا في حضرموت بالذات نرى أن المصيبة العظمى التي حلت بنا كانت صبيحة يوم الأحد السابع عشر من سبتمبر 1967م وليس ضحى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م أو مساء يوم الرابع من يوليو 1994م. وذلك لأن سلسلة الأخطاء المتراكمة والمتلاحقة التي نكبنا منذ ذلك اليوم المشئوم في 17/9/1967م تجعلنا نقول أنه (أصل المشكلة)، وبسبب بسيط ومنطقي، فقد كنا في حضرموت حينها ننتظر استقلالاً عن بريطانيا سيعلن عنه في السادس عشر من يناير من عام 1968م وبدولة حضرمية حرة ومستقلة وذات سيادة وتضم كل من السلطنتين القعيطية والكثيرية، وعلى غرار ما جرى – فيما بعد – لكل من عُمان وقطر والإمارات والبحرين وغيرها من الدول التي نعمت شعوبها باستقلالها وأصلّت انتمائها إلى هويتها الوطنية، وأحبت العيش والاستقرار في أرضها، وارتقت في مسار التنمية الجادة بما يخدم يومها وغدها، ويقيها ذل السؤال، ولم تلهث وراء سراب كاذب وخادع بالتدثر بهوية غريبة عنها. كما أن جيراننا وأخواننا من مواطني (اتحاد الجنوب العربي) كانوا كذلك ينتظرون استقلالاً لدولة تضمهم جميعاً، وكانت ستعلن في التاسع عشر من يناير 1968م. ولاشك أن تحقيقها – لو تم آنذاك – كان سيمثل نقلة نوعية وحضارية لسكان هذا الاتحاد، ويجعل من ميناء عدن بالفعل بوابة عالمية في التجارة الدولية، وبوابة حضارية ترسل إشعاعاتها إلى كل أقاصي الدنيا، وكما حدث لاتحاد ماليزيا، ثم ما تفعله حالياً كل من سنغافورا ودبي وجيبوتي وأخواتها. وليست عدن آنذاك – ولا تزال – بأقل شأناً في الأهمية الجيواستراتيجية من تلك التي ذكرنا.
وفي ظل هذه الأجواء الكئيبة والملوثة بالإحباط والمعاناة، والتي أحاطت بنا من كل جانب كان لابد وحتماً من الخروج من هذا النفق المظلم والخانق. وبعون من المولى عز وجل وتوفيق منه فقد اجتمعت ثلة خيّرة من أبناء حضرموت وادياً وساحلاً وتشاوروا فيما بينهم، ثم أعلنوا عن قيام وتشكيل (جبهة إنقاذ حضرموت)، وذلك في السابع عشر من سبتمبر من عام 2011م. أي مع حلول الذكرى السنوية الرابعة والأربعين لسقوط المكلا، ولجعل هذا اليوم المشئوم في تاريخ حضرموت المعاصرة يوماً لانتصار الإرادة الحرة ولاستعادة العزة والكرامة ولانطلاقة روح النضال والجهاد (السلمي) لاسترجاع الحقوق المسلوبة منذ حوالي نصف قرن.
وجاء في البيان الإعلامي الصادر عن هذه الجبهة أنها حركة سياسية سلمية ترفض العنف والإرهاب واستخدام القوة المسلحة، وتسعى لبناء حضرموت الغد على أسس مدنية وديمقراطية وبوسائل عصرية، ومقومات حقيقية للتنمية الجادة، وتكفل العدالة والمساواة لكافة أفراد المجتمع الحضرمي.
وأشار البيان الإعلامي الأول للجبهة بأنها تسعى ومع كل الفصائل الجنوبية السلمية من أجل الوصول إلى (فك الارتباط) واستعادة الدولة الجنوبية السابقة بعون المولى عز وجل. وضمن هذا المسعى فإن جبهة إنقاذ حضرموت ستعمل وبكل طاقاتها النضالية السلمية من أجل أن يتضمن دستور دولة الجنوب القادمة إن شاء الله تعالى بنداً صريحاً وواضحاً يكفل ويضمن لشعب حضرموت حق تقرير المصير في نظام الحكم الذي يختاره ويرتضيه ويقبل به على أراضيه، ومن خلال استفتاء شعبي حر ونزيه بإشراف دولي وإقليمي مناسب ومقبول، ويشارك فيه أبناء حضرموت في الوطن والمهجر.
وقد أشار البيان الإعلامي الأول للجبهة أنها ستعمل بجدية ومع كل الخيرّين في حضرموت وخارجها لإزالة أسباب ومظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي الذي يعاني منه شعب حضرموت منذ نصف قرن بسبب السياسات الخاطئة التي مورست ضده. ومن أهم أسباب ومظاهر هذا التخلف: شيوع تعاطي القات في حضرموت باعتباره آفة خبيثة قدمت على حضرموت منذ 22 مايو 1990م، وبموافقة وبمباركة من قادة الحزب الاشتراكي اليمني آنذاك، والذي أصبح يمثل خطراً حقيقياً على حضرموت وأمنها واستقرارها ويهدد مستقبل أجيالها ومسيرة التنمية الطموحة فيها. وكذلك تسعى الجبهة إلى محاربة الفساد الإداري والسياسي كمحصلة طبيعية لغياب القانون والعدالة واستشراء المحسوبية والنفاق السياسي والاجتماعي، وما ترتب على ذلك من امتيازات غير عادلة وغير مشروعة تمنح لأفراد أو فئات في المجتمع لاعتبارات حزبية أو قبلية أو مناطقية أو مذهبية أو شللية أو غيرها. وكذلك تسعى الجبهة إلى تعزيز وترسيخ إيجابيات الهوية الحضرمية بمقوماتها المعروفة عربياً وإسلامياً وإنسانياً، ودون استعلاء أو استعداء قبلي أو عرقي أو مناطقي أو مذهبي أو غيره، ومع التأكيد على الثوابت الأصيلة في الهوية الحضرمية والتي عرفت بها منذ فجر التاريخ، ومع الحرص على حسن الجوار والاحترام للآخرين، والمحبة والتعاون المثمر والإيجابي معاهم.
وبفضل من الله عز وجل فإن صدور هذا البيان الإعلامي الأول لجبهة إنقاذ حضرموت وما عبر عنه من رؤى مستقبلية يتطلع إليها شعب حضرموت، وما حفل به من وضوح في تحديد آليات العمل، وكيفية السير على هدى خارطة طريق واضحة المعالم، ودون الانجرار إلى متاهات عاطفية أو صراعات فكرية أو جدلية أو قبلية أو مناطقية أو غيرها، فإنه قد وجد صدى طيباً في عقول وأفئدة العديد من حضارمة الوطن والمهجر، مما يعني أن الجبهة والقائمين على شؤونها وإدارتها قد استطاعوا وبعون من المولى عز وجل وتوفيقه أن يبلغوا رسالتهم في أفضل صورة، فكان التجاوب الطيب والمنتظر مع ما طرحوه، علماً بأن هذه الجبهة في بيانها الإعلامي الأول أكدت وبوضوح تام على أنها لا تدعي تمثيل كل شعب حضرموت، وإنما هي فصيل من فصائل الحركة الوطنية في حضرموت تناضل من أجل إثبات وتحقيق ما يرنوا إليه شعب حضرموت من حقوق ومطالب، وهي على استعداد للتعاون الجاد مع كل الفصائل والقوى الخيرّة في حضرموت وفي الجنوب عامة بما يحقق ذلك، وخصوصاً في القضايا المشتركة ومنها بلا شك مسألة (فك الارتباط) والسعي إلى إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة تصان فيها حقوق المواطنين، وتـنشر الخـير والعدل والمساواة، وتحترم فيها الخصوصيات الجغرافية والتاريخية والحضارية، وما يسودها من هويات سكانية.
ثانياً... القضية الجنوبية: مساراتها وعثراتها ومكامن قوتها ونقاط ضعفها:
بعيداً عن ما يرمي إليه البعض من مقولات أو تصريحات أو تلميحات بأن جذور القضية الجنوبية قد ولدت مع مولد دولة الاستقلال في 1967م بقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وحيث كان ظهورها فرحاً وسعادة لفريق من أبناء حضرموت والجنوب وشقاء وتعاسة لفريق آخر منهم، وبما تضمنته تلك الدولة من تناقضات وتعقيدات ليست بهينة، والتي تم تجاوزها مؤقتاً قبل إعلان ذلك الاستقلال باستخدام القوة والسلاح والعناد، وبمعزل عن الوعي والعقل والرشد والإنصاف، وهو الأمر الذي مثل بداية الخطايا المتراكمة فيما بعد... فإننا في جبهة إنقاذ حضرموت نفضل التركيز على هذه القضية الجنوبية منذ بروزها إلى السطح بعد استيلاء قوات صنعاء على كل من المكلا في 4 يوليو 1994م وعدن في 7 يوليو 1994م، وبعد حرب طاحنة وظالمة استمرت زهاء شهرين ونصف استدرج إليها أهلنا وقادتنا في حضرموت والجنوب عامة، وما أسفرت عنه هذه الحرب من استيلاء كامل وسيطرة تامة ورغبة محمومة وبغيضة في استباحة الأرض والعرض والدم والمسنودة إلى فتاوى دينية ظالمة وباطلة شرعاً وخلقاً تنكّر منها أخيراً من دعى إليها آنذاك بعد أن استخدمت مثل هذه الفتاوى الدينية الزائفة ضده، وبعد أن انفرط عقده مع من جمعته المصلحة الحمقاء في استملاك حضرموت والجنوب أرضاً وإنساناً، وأصبح كل منهم اليوم يشهر سيفه وخنجره في وجه خصيمه، ويكشف أسراره وخباياه الوضيعة، مما يعني أن قضيتنا الجنوبية اليوم في حضرموت وسائر مناطق الجنوب قد كسبت رهاناً غالياً وصعباً وشاقاً، واتضح للعالم أجمع مدى الظلم الفادح الذي وقع علينا منذ ذلك الغزو السافر لقوات صنعاء.
ولعله من الواجب القول هنا أن هذا الغزو البغيض لقوات صنعاء وما أسفر عنه من احتلال كامل لأراضي حضرموت والجنوب قد مثل سقوطاً مدوياً لتلك الشعارات الرنانة والطنانة والعنتريات التي كان يطلقها الاشتراكيون طيلة ربع قرن وصدعوا رؤوسنا بتكرارها وأهمها شعار (وطن لا نحميه لا نستحقه). وكأن الله عز وجل أراد أن يكشف زيف هؤلاء وكذبهم عندما تخلوا وتقاعسوا عن حماية هذا الوطن الحضرمي والجنوبي ومارسوا منذ الاستقلال جملة من السياسات الخاطئة والانتحارية، والتي أوصلتهم في النهاية إلى هذا الوضع المهين، تماماً كما انكشف زيف وبطلان دعاوى (لاحقيهم) من دعاة الشرعية والتغيير.
وحقيقة لابد أن تقال وتسجل وتوثق وهي أن شعبنا في حضرموت كانت له الريادة في مقاومة قوات صنعاء ومنذ اللحظة الأولى لدخولها إلى أراضينا، حيث قدّمت حضرموت حينها أول شهيد مسالم للقضية الجنوبية، وهو الشهيد أمين عمر بن جسار الجعيدي، والذي سقط صريعاً برصاص قوات صنعاء عند دخولها إلى حي السلام بالمكلا في اليوم التالي للرابع من يوليو 1994م، وكان ابن جسّار هذا شاباً جسوراً وبطلاً وبلا سلاح ناري، وقد تصدى لقوات الغزو بصدرٍ عارٍ وصوت عالٍ ومطالباً إياهم بالخروج من أرضه ووطنه، ولم يكن هذا الشاب الشهيد اشتراكياً حتى يهتم به إعلام الحزب الاشتراكي آنذاك، ولم يكن من مناضلي الصالونات أو الميكروفونات، بل كان مواطناً عادياً متواضعاً، ومن أسرة حضرمية مكلاوية معروفة وبسيطة كسائر أسر حضرموت، وكان شاباً في العقد الثالث من عمره يتطلع كغيره من شباب حضرموت إلى مستقبل أفضل له ولوطنه، ولكن جاءت رصاصات الغزو والطغيان لتقضي على مستقبله وطموحاته. والانكى من ذلك أن يتجاهل – فيما بعد – إعلام (الحراك الجنوبي) وصحافته ومؤرخيه هذا الحدث وكأنه لم يكن، مما يثير حفيظة الحضارمة ضد مسيرة إعلام هذا الحراك الجنوبي.
وعلى أية حال فنحن لسنا بصدد النقد أو التقريع أو التجريح أو اصطياد الأخطاء، وإنما لنؤكد على أنه لابد من الحرص على قول الحقيقة، والبعد عن التهوين أو التهويل أو التجاهل، فهذا بلا شك لا يخدم طموحاتنا في إقامة دولة جنوبية تسودها الصراحة والشفافية وقولة الحق، كما أنه من جهة أخرى يخدم أعداؤنا ولا يفيد قضيتنا العادلة.
ومن الإنصاف القول بأن الانطلاقة الجماعية والهبة الشعبية المنتظمة ضد قوات الغزو والاحتلال لأرضنا في حضرموت والجنوب قد انطلقت من شباب ورجال المنطقة الغربية للجنوب العربي منذ الثالث عشر من يناير 2006م من خلال تشكيل اللجان الشعبية التي تدعو إلى التصالح والتسامح والتضامن والتي دعت إليها جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية في عدن. وبصرف النظر عما طرحناه فيما سبق من رأي حول هذا المسمى (التصالح والتسامح والتضامن) وحيث أشرنا سابقاً إلى أن المطلوب هو أكثر من التصالح والتسامح والتضامن وبأن يضاف إلى ذلك (الإنصاف ورد الاعتبار) لمن ظلم في مرحلة الحكم القومي الاشتراكي، وذلك حتى تستقيم الأمور ويشارك الجميع في النضال والجهاد لاستعادة الحقوق المسلوبة.
وعلى أية حال فإن انطلاقة هذه اللجان تحت مسمى (التصالح والتسامح والتضامن) كانت خطوة طيبة على المسار الصحيح، ثم أعقبتها في مارس 2007م تشكيل لجان أهلية تطالب بحقوق المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين. وقد توج هذا الزخم الجماهيري الرافض لهيمنة قوات صنعاء على أرض حضرموت والجنوب بما عرف محلياً وإقليمياً ودولياً بالحراك الجنوبي وبكافة تشكيلاته ومكوناته، وخصوصاً بعد أن غادر الأستاذ علي سالم البيض منفاه الاختياري في سلطنة عُمان، وأطل على جماهير حضرموت والجنوب وعلى العالم بأسره في 21 مايو 2009م معلناً أنه لا سبيل لحل قضيتنا الجنوبية إلا من خلال (فك الارتباط) واستعادة دولتنا الجنوبية السابقة، بعد أن تحوّل مشروع الوحدة إلى ضم وإلحاق واحتلال وسيطرة وهيمنة من قبل صنعاء وحكامها على كل مقدراتنا وثرواتنا ومصيرنا.
وخاض شعبنا في حضرموت وفي الجنوب عامة حراكاً جماهيرياً سلمياً راقياً استحوذ على اهتمام وإعجاب العرب والمسلمين والأعاجم، وخصوصاً من وسائل الإعلام المستقلة أو التي تدعي أنها مستقلة.
ورغم هذه الوتيرة المتصاعدة للحراك الجنوبي وفي مساراتها المباركة والمويَّدة من قبل جماهيرنا في حضرموت وفي الجنوب عامة والتي بلا شك ستقربنا إلى يوم النصر والظفر بعون الله تعالى، إلا أنه لابد من الانتباه والاهتمام بالعثرات والكبوات التي تظهر هنا وهناك، حتى لا تستغل من قبل الأعداء فتتحول مسيرتنا الصاعدة إلى انتكاسة هابطة، وهو مالا نتمناه ولا نرجوه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقينا حدوثها وأن يجنبنا الوقوع فيها.
وأول هذه العثرات ما طرأ من انقسامات واختلافات في الرؤى حول المصير المنتظر للقضية الجنوبية، وقد توزعت هذه الرؤى إلى ثلاثة اتجاهات هي:
1) فريق يقول بضرورة الإبقاء على دولة الوحدة مع تصحيح مسارها من خلال إدخال تحسينات على طريقة الحكم وتوسيع صلاحيات المجالس المحلية، بل واعتماد نمط الأقاليم الفيدرالية والذي يعرف بنظام المخاليف الوارد ذكره في وثيقة العهد والاتفاق، والتي تم توقيعها بين كل من قادة عدن وصنعاء في عمّان بالأردن في فبراير 1994م، وهي الوثيقة التي احتوت في بنود منها على مظالم وانتقاص من حقوق حضرموت وحقوق الجنوب عامة في كيفية الاستفادة من الثروات الطبيعية، ورغم ذلك فإنها اعتبرت حينها مخرجاً مناسباً لمعالجة وحل الأزمة بين شطري اليمن آنذاك، أو بين شريكي الوحدة، وهي الوثيقة التي لم ترى النور وماتت في مهدها مع غزو قوات صنعاء لأراضي حضرموت والجنوب.
ولاشك أن هذا الرأي الذي يقول بإدخال تحسينات على إدارة الحكم مع الإبقاء على دولة الوحدة لم يعد يحظ بكثير من التأييد الشعبي في صفوف الحضارمة والجنوبيين عامة، وربما يكون أصحابه قد تخلوا عنه لعدم قدرته على تحقيق طموحات وتطلعات شعبنا المغلوب على أمره.
2) فريق ثانٍ ينادي بجعل الدولة ذات إقليمين فقط هما (إقليم شمالي وإقليم جنوبي)، وبنفس الحدود السابقة قبل 22 مايو 1990م، وكل إقليم يدير شؤونه الداخلية بأهله وإمكانياته، ويتمتع كل إقليم بكل ثرواته. ويرى هذا الفريق أن هذا الوضع مؤقت أي أنه (مرحلة انتقالية) إلى حين معرفة رغبة السكان أن كانت في الاستمرار في هذا الوضع، أو تغييره لما هو أنسب لهم، بما في ذلك إمكانية فك الارتباط بين الإقليمين.
وقد يبدو هذا الطرح مقبولاً من البعض ولكن ما يعيبه وينقصه هو عدم الوضوح فيما سيجري بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية، وهل ستعطى فرصة حقيقية وآمنة لأهل حضرموت والجنوب في اختيار ما يريدونه حقاً؟ أم أنه ستطرح عليهم مشروعات أخرى تصرفهم عن ذلك، حيث أن أصحاب هذا المشروع يقولون بأنه بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية سيتم البحث عن الحلول المناسبة التي ترضي سكان حضرموت والجنوب. وهؤلاء السكان بلا شك لا يريدون غير فك الارتباط والعودة إلى دولة الجنوب السابقة.
3) فريق ثالث وهو الأكثر قبولاً وشعبية وانتشاراً بين أبناء حضرموت والجنوب عامة، وهو الذي يدعمه ويسنده الأستاذ علي سالم البيض والقائل بفك الارتباط بين دولتي اليمن السابقتين والعودة إلى ما كان عليه الوضع السياسي والإداري والقانوني والدولي لكل من اليمن الديمقراطية والجمهورية العربية اليمنية.
وهذا الفريق ينطلق في طرحه هذا من أن الوحدة التي جمعت بين هاتين الدولتين السابقتين وأفضت إلى قيام ما سمي بالجمهورية اليمنية إنما هي شراكة وحدة بين دولتين لكل منهما كيانها القانوني والسياسي والدولي الخاص بها. وبما أن شراكة الوحدة هذه قد فشلت في تحقيق أهدافها من حيث التنمية المتساوية والحقوق العادلة بين مواطنيها، وما لحق أبناء اليمن الديمقراطية (سابقاً) من ظلم فادح وتهميش وإقصاء، بل وإذلال واستعباد وتنكيل وزهق للأرواح واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، واستباحة بفتاوى دينية باطلة للدماء والأعراض والأموال فإنه لا موجب لاستمرار هذه الوحدة ولابد من فضها والافتكاك منها، وهي ليست حالة نادرة في التاريخ العربي والعالمي المعاصر، فهناك نماذج من ذلك حين تم فك الارتباط بين كل من سنغافورا واتحاد ماليزيا وكذلك جنوب السودان عن جمهورية السودان وكل من التشيك والسلوفاك عن بعضها البعض وغيرها من النماذج المعاصرة التي تم فيها (فك الارتباط) بين كيانين سياسيين لم يتوافقا في الاستمرار في ظل دولة موحدة.
وبما يعزز مطالبة هذا الفريق بضرورة فك الارتباط أن قرارات مجلس الأمن بالأمم المتحدة الصادرة في عام 1994م أثناء الحرب وهما برقمي (923 و 931) قد أشارا بوضوح إلى ضرورة حل الأزمة بين الطرفين (الشمالي والجنوبي) بالحوار والجهد السلمي والاقتناع المتبادل وليس بالقوة المسلحة، بل أن مجلس الأمن قد أبقى على ملف الصراع بين الطرفين مفتوحاً إلى حين حله وإنهائه، أي أنه ملف قابل للنقاش مجدداً إذا ما تأزمت الأمور بين الطرفين.
وربما تكمن في قرارات الأمم المتحدة هذه قوة ومصداقية هذا الطرح القائل بفك الارتباط، وهو ما جعل جماهير حضرموت والجنوب عامة تؤيده وتسنده وتلتف حوله وتتمسك به تمسك الغريق بطوق النجاة.
وأننا في جبهة إنقاذ حضرموت نسند هذا الطرح الثالث والقائل بفك الارتباط، ونسعى مع الآخرين من الجادين والمخلصين من أبناء الوطن الحضرمي والجنوبي على تحقيقه بعون الله تعالى، ولأن فيه كما أشرنا مخرجاً آمناً وسليماً من هذا الفخ الذي نصب لنا في يوم الثاني والعشرين من مايو عام 199م، حيث تم حشرنا بلا روية ولا بصيرة وفي وحدة غير متكافئة بين طرفين. وكانت النتيجة وبالاً علينا جميعاً وجعلتنا أذلة حقاً بعد أن كنا نسعى لأن نكون أعزة على أرضنا وفي وطننا.
ومن جهة أخرى فإننا في جبهة إنقاذ حضرموت نرى أن فك الارتباط واستعادة الدولة السابقة سيمنحنا جميعاً في حضرموت وفي الجنوب عامة فرصة طيبة وتاريخية لإعادة ترتيب أوضاعنا وبحسب تطلعاتنا المشروعة وبدون حيف أو ظلم أو إقصاء أو تهميش، فلابد من الاعتراف الواضح والصادق بالمكونات والهويات السكانية والحضارية التي تألفت منها (دولة الجنوب) السابقة والتي أعلن استقلالها عام 1967م، ومن ثم يمكن إعادة صياغة العلاقة بين الأطراف المعنية بما يحفظ الحقوق ويزيل المظالم، ويفسح المجال للاختيار الحر والمباشر فيما يريده السكان، بلا جبر أو قهر أو تعسف أو استبداد، فيكفي ما أضعناه من سنوات غالية وعزيزة علينا والتي ناهزت النصف قرن في صراعات إيديولوجية وطبقية وسياسية كنا فيها الخاسرون دوماً حكاماً ومحكومين، وما أقسى ما يخسره المحكومين في كل زمان ومكان، فهل نتعظ ونعتبر ونستدرك ونستوعب نقاط ضعفنا وننظر إليها بعين ثاقبة وصادقة ونسعى لتحويلها إلى مكامن قوة ومصدر إلهام تحفزنا إلى الوصول إلى شاطئ الحرية والاستقلال الحقيقي؟.
وفي هذا المقام فإننا في جبهة إنقاذ حضرموت نرى أنه آن الأوان، وفي هذه المرحلة الحساسة من تاريخينا الوطني من ضرورة التعامل الإعلامي الواعي واليقظ مع مسيرة الحراك الجنوبي، فلا يزال هذا (الإعلام الحراكي) غير قادر على إيقاظ مشاعر مجاميع كبيرة من أبناء حضرموت والجنوب عامة في الوطن والمهجر، وهم بلا شك سيكونوا خير سند لقضيتنا العادلة. كما أنه لابد من إدارة القضية الجنوبية بحكمة وعقلانية من خلال التواصل الفاعل مع صناع القرار إقليمياً وعربياً ودولياً.
وكذلك لابد من إتاحة الفرصة لكل الطاقات العلمية والعملية في الوطن والمهجر، حتى يمكن الوصول إلى إقناع العالم بقضيتنا الجنوبية، وبضرورة حلها حلاً عادلاً يرضى عنه شعبنا ويلبي طموحاته وتطلعاته المشروعة.
ثالثاً... سبل معالجة القضية الجنوبية:
لاشك أن أهم أساس للمعالجة الممكنة والواقعية للقضية الجنوبية يكمن في معرفة أبعادها الحقيقية تاريخياً وسياسياً واجتماعياً، ولذلك كنا في جبهة إنقاذ حضرموت نطالب دوماً باعتماد الشفافية والنزاهة والصدق في طرح القضايا والأمور. وخلال ربع قرن من حكم الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل ووليدها الحزب الاشتراكي أي من عام 1967م إلى 1990م كان هناك إصرار غريب وعجيب وعناد متخلف وبغيض ومنفّر على إخفاء كثير من الحقائق والوقائع ليس على عامة الناس فحسب، بل كذلك على الباحثين والمؤرخين، مما جعل نظام اليمن الديمقراطية نظاماً يتحصن وراء ستار حديدي بل وفولاذي فالخارج منه مولود والداخل إليه مفقود.
وفي ذلك الزمن الصعب والذي كانت فيه تراقب وتبحث فيه كل حركة وكل كلمة وكل إيماءه من أي شخص حتى تصنف أن كانت مع النظام أم ضده، وياويل من كانت النتيجة أنه ضد النظام، فيعتبر من أعداء الشعب ومن أنصار الثورة المضادة. ووصل ابتكار هذا النظام في قمع الأفكار والآراء والاجتهادات الوطنية الفردية والعامة أن أصدر في منتصف السبعينات قانون (صيانة الوطن)، وهو على غير المسمى به، والقصد منه بلا شك صيانة النظام وحمايته، وحيث اختزل الوطن كله بملايينه الثلاثة في نظام من بضعة مئات أو آلاف على أكثر تقدير، وهو ما يُفعل الآن للأسف في اختزال الجنوب كله في مدينة واحدة وهي (عدن) رغم رمزيتها الوطنية والحضارية المعروفة. وهو أمر لا يوافق عليه مطلقاً الحضارمة وأن وافقت عليه فئة قليلة منهم لأسباب خاصة بهم.
وكان الهدف من إصدار قانون صيانة الوطن آنذاك هو التضييق على أي حركة مناهضة للنظام بل وقمعها بقوة القانون أو بالأحرى بقانون القوة. والطريف أن نظام صنعاء القمعي قد استفاد من تجربة الاشتراكيين في الجنوب في كيفية التنكيل بأصحاب الآراء الحرة فابتكر هو الآخر إجراءات قمعية مستمدة من قانون صيانة الوطن وتحت مسميات مختلفة ومنها قولة (الوحدة أو الموت) وهي توازي (الحزب الاشتراكي أو الموت) و (لا صوت يعلو على صوت الحزب الاشتراكي) وغيرها من المقولات والشعارات التي أضاعت سنين غالية من أعمارنا بينما نجد من حولنا يتطور وينمو، ونحن نزداد سفكاً للدماء وقتلاً للأبرياء وقمعاً لكل اجتهاد وطني سليم للتنمية الجادة.
وعلى ذلك فإننا نرى أن قانون صيانة الوطن الذي صدر عن سلطة الحزب الاشتراكي في الجنوب كانت من معاول الهدم الخطيرة التي نالت من التطور الطبيعي للمجتمع، فلم يكن أحداً يتحرك إلا بموافقة النظام وأركانه وضمن رؤيته الضيقة بأننا:
أولاً... اشتراكيون امميون وبروليتاريا نشطة نسعى لإقامة دولة النعيم الماركسي وثانياً نحن كذلك عرب تقدميون وفي خندق واحد مع الشعوب المستضعفة في كل مكان في العالم ابتداءً من ظفار في سلطنة عُمان وانتهاءً بجواتيمالا في أمريكا اللاتينية حتى تنال حريتها وكرامتها، ولسنا مع شعبنا المستضعف والمنهكة قواه في داخل الوطن بسبب هذه السياسات والاجتهادات الغريبة والقاسية عليه. أما ثالثاً فنحن وفي المناسبات الدينية فقط مسلمون نصوم ونصلي ونزكي ونعتمر ونحج إلى بيت الله الحرام، وتعطل دوائرنا الرسمية في المناسبات الدينية المعروفة، وهذه فقط كل علاقاتنا بالدين الإسلامي دون الولوج إلى عمق هذا الدين الإسلامي وجوهره وخاصة من حيث كيفية التعامل الإيجابي والعادل بين البشر، وكذلك كيفية الحفاظ على الأرواح والأعراض والأموال الخاصة والعامة، والاستنارة بما في الدين من روح التسامح والمحبة والتكافل وإنصاف المظلوم والقصاص من الظالم مهما كان مركزه ووضعه.
كل هذه الأمور الجوهرية في الدين الإسلامي لم تكن في حساب صناع القرار وطابخي الأفكار والشعارات والمقولات في دولة اليمن الديمقراطية والتي تقول بوطن لا نحميه لا نستحقه وكأنهم حقاً لا يستحقون هذا الوطن الذي لم يعملوا على حمايته، وحيث كان الحرص على سلامة وأمن حزب الدولة أهم بكثير من الحرص على أمن وسلامة دولة الوطن والمجتمع وسائر أفراد هذا المجتمع. ولذلك كانت الرزايا والخطايا تتعاظم في كل منعطف تاريخي منذ السابع عشر من سبتمبر 1967م ومروراً بالاستقلال الناقص النمو في نوفمبر 1967م وما تلاه من مآسي في 1969م و 1978م و 1986م. وانتهينا إلى حفرة (الوحدة أو الموت)، والتي لا نرجو ولا نتمنى أن تكون قبراً أبدياً لشعبنا وأمتنا في حضرموت والجنوب العربي عامة.
وهذا يعني أنه لابد ولا مفر من المصداقية والشفافية واستعراض ما جرى لنا طيلة نصف قرن من الزمن، وبدون تجريح أو افتراء أو كذب أو تشفي أو تنفيس عن غل أو عقد، وإنما بقصد تلمس الحقيقة وحدها فقط، ومن ثم إيجاد المعالجات الممكنة لما يواجهنا من تحديات خطيرة آنية ومستقبلية، وبدون معرفة أسباب المرض لا يمكن لنا أن نشخص بدقة الداء، ومن ثم تحديد الدواء الناجع. وهذا هي أولى سبل المعالجة الذاتية للقضية الجنوبية من الداخل ومن أهلها، وعلينا في هذا السبيل أن نسعى إلى التركيز على ما يجمعنا ونبعد عن الاهتمام بما يفرقنا، فلا شك أن ما يجمعنا نحن شعب حضرموت مع جيراننا في الجنوب العربي أكثر مما يفرقنا ويفصلنا عنهم. وعلينا أن نؤكد على هويتنا الحضرمية للإبلاغ والعلم ودون استعلاء أو استعداء أو مواربة أو ضغينة أو نبش في الأحقاد والمآسي والجراح القديمة، فلابد أن نتسامى على كل ذلك، ولكن دون أن نتجاهل ونتغافل عن الإشارة إلى الأخطاء والخطايا وعن القول لمن أساء (أنك أسأت) ولمن أحسن (أنك أحسنت)، فهذا إنصاف للحقيقة التي ننشدها دوماً وأبداً وبها تعمر العلاقات الطيبة.
وثانية سبل المعالجة للقضية الجنوبية هي أن يتقبل كل منا الآخر في طرحه أن كان محتوياً على حقائق ومعطيات ثابتة ودامغة، أو منطق عقلاني سليم، فلا نتسرع في التخوين أو التهوين أو التهويل كما كنا نفعل في حقبة الحكم القومي والاشتراكي، فتلك الأمور لا تقيم دولاً، ولا تمسك من أزر مجتمعات ناهضة ساعية للتنمية الجادة والاستقرار والسلام الثابت، بل هي تعمل على تفكيك أواصر القربى وحسن الجوار والمحبة والوئام والسلام بين الأفراد والمجتمعات.
وثالثة سبل المعالجة هي في الاستخدام الواعي والنشط في القليل المتاح لنا من وسائل الإعلام والنشر، ومن ذلك ضرورة تفعيل القناة الفضائية المسماة (عدن لايف)، وكذلك بعض الصحف التي تعبر عن القضية الجنوبية، ولاشك أن هذه الفضاءات الثقافية والإعلامية التي تعبر عن القضية الجنوبية إنما هي بجهود ذاتية وبحماسة فردية، ولكن لابد من إعطاء النصح لها حتى يستقيم عملها وأثرها مع المنشود للقضية الجنوبية من نجاح وفلاح بعون الله عز وجل. وبالمناسبة فإن قناة (عدن لايف) إذا أرادت أن تعبر بصدق وواقعية عن القضية الجنوبية وأن تستقطب أعداداً كبيرة من مشاهديها ومن الحضارمة على وجه الخصوص فعليها أن تراقب الأثر السلبي الذي يخلفه أسمها في نفوس وعقول الحضارمة حيث أن الغالبية العظمى منهم يراها وباسمها هكذا (عدن) لا تعبر عنهم ولا عن قضيتهم. وهي كمن اختزل حضرموت والجنوب معاً في نقطة صغيرة واحدة لاشك في قيمتها وأهميتها ولكنها ليست كل حضرموت ولا كل الجنوب، وهذا تماماً ما فعله الاشتراكيون عندما أطلقوا على وكالة الأنباء الوطنية باليمن الديمقراطية (وكالة أنباء عدن)، وهو أسم غير موفق، لأنه اختزال في غير موضعه، وربما كان بتأثير القوى اليمنية الداعمة لمشروع الوحدة في قيادات وصفوف الحزب الاشتراكي، وهو أمر لم يكن مخفياً على أحد. ولاشك أن هناك أسماء كثيرة متوازنة ترضي الجميع، وخصوصاً الحضارمة بكونهم حوالي نصف سكان اليمن الديمقراطية (سابقاً)، ومن هذه الأسماء المقترحة (قناة الجنوب) أو (قناة الحراك السلمي) أو (قناة أكتوبر) أو (قناة السلام) أو (قناة الاستقلال الثاني) أو غيرها من المسميات الأكثر تعبيراً وشمولية للمعنيين بالقضية الجنوبية وتبعدنا عن التمركز حول النزعة الإقليمية والمناطقية الضيقة. وإذا كان البعض يرى أن عدن هي قلب الجنوب فإننا في حضرموت نختلف معه في ذلك، ونقول له أن حضرموت هي بالفعل قلب الجنوب الذي يريدونه ويتصورونه. وعلينا أن نتخيل كيف سيكون حال عدن وما جاورها بدون حضرموت، فلاشك أنها ستعيش وستستمر إلى أن يشاء الله ولكن بدور أقل وبإمكانيات محدودة. ولكن حضرموت يمكنها أن تعيش بدون عدن وما جاورها وبدور فاعل ومؤثر وكما كانت في الأزمنة الخوالي. ورغم إننا لا نحبذ مثل هذا الطرح في هذا المرحلة الدقيقة من تاريخنا، ولكننا نقوله الآن لما نلمسه لدى البعض من إصرار على أن تكون لعدن السيادة والسيطرة على كافة أرجاء الجنوب. وفي هذا السياق كنا قد نبهنا وفي أكثر من مناسبة وآخرها في مداخلة قدمناها أثناء محاضرة عامة للدكتور محمد علي السقاف في المكلا في 18 أغسطس 2011م، وقلنا فيها أنه لا يجوز ولا يليق بقادة الحراك من أبناء المنطقة الغربية ولا بإعلام الحراك التأكيد والإشارة الدائمة على أن (عدن هي العاصمة الأبدية للجنوب) لأن هذا يتنافى مع جوهر الحرية في الاختيار، وعلى أن تترك مسألة العاصمة للدولة القادمة إن شاء الله تعالى لحين الانتهاء من (فك الارتباط)، ثم يخيّر شعب الجنوب وشعب حضرموت في العاصمة التي يرونها مناسبة لهم، فقد انتهى وولى عصر الفرض والهيمنة. وللإنصاف لابد من الإشارة إلى أن مشروع (دستور دولة الجنوب) الذي أعلن عنه في مايو 2010م والمكوّن من 259 مادة قد ترك تحديد العاصمة مفتوحاً فلم يشر في المادة (6) منه إلى أن عدن هي عاصمة دولة الجنوب، وكأنه بذلك يترك هذه المسألة للاختيار والتوافق مستقبلاً وللاستفتاء الشعبي الحر إن كان ذلك ضرورياً.
وبوجه عام فإننا نقول في مسألة تعامل الإعلام مع القضية الجنوبية أنه لابد على إعلام الحراك من أن يتعامل بشكل واعٍ ويقظ مما يساعد على إيصال القضية الجنوبية إلى آفاق بعيدة ويعمل على تكوين رأي عام محلي وإقليمي ودولي يدفع إلى صياغة قرارات إقليمية ودولية تسند القضية الجنوبية. وفي هذا الاتجاه لابد من التواصل مع كل الفضاءات والمساحات الإعلامية المتاحة داخلياً وخارجياً، خصوصاً وأن وسائل الاتصال اليوم أصبحت من المرونة واليسر مما يفيد نشر القضية الجنوبية، وكذلك الاستفادة من البرامج المفتوحة على الهواء والمباشرة في القنوات الفضائية وتمكّن من الاتصال بمجاميع كبيرة من البشر في كافة أرجاء المعمورة، مما يمكّن من طرح جوانب مهمة وأساسية من القضية الجنوبية، وخصوصاً من حيث عدالتها القانونية والدولية وتطوراتها، وكل أبعادها التاريخية والسياسية والاجتماعية.
ورابعة سبل المعالجة وهي أهمها وأخطرها وأكثرها تأثيراً، وهي الإدارة المتزنة والحكيمة والمستبصرة والتي تعرف وتعي كيفية التعامل السريع واليقظ والمفيد مع المستجدات المتطورة محلياً وإقليمياً ودولياً، وبلا غوغائية أو اندفاعية أو تصلب في الرأي وعناد متخلف يهدم أكثر مما يبني وكما كنا نفعل في الماضي. ولاشك أنه مطلوب من هذه الإدارة الواعية التي تمسك بمقاليد أمور القضية الجنوبية أن تفتح قنوات اتصال إيجابية وفاعلة مع كل الجهات الرسمية وغير الرسمية وكل الأفراد في العالم ممن بيدهم صنع القرار في عالم اليوم، ومن ذلك كافة الدول التي يمكن أن تسند القضية الجنوبية وتؤكد على عدالة حقوقنا ولو بحدها الأدنى. وكذلك كافة المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها والمنظمات الإقليمية كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي سابقاً) ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وغيرها من المنظمات الدولية والقارية والإقليمية التي نتوسم خيراً في مناصرتها لقضيتنا العادلة.
وفي هذا السياق لابد من الاستفادة من كافة الطاقات البشرية المقتدرة في الوطن والمهجر من أبناء حضرموت وأبناء الجنوب كافة، وكذلك الاستعانة بغيرهم ممن يمكن أن يقدم العون لنا في الاستشارة والقول الصائب والتوجه السليم ولا تأخذنا الكبرياء ولا يستولى علينا الغرور بأننا قادرون وحدنا بإنجاز ما نريد، فلابد من الاستعانة بعون الله عز وجل وبكل من لديه استعداد لمساعدتنا ولو بالحد الأدنى لنصرة قضيتنا.
ولعله من الواجب القول أن خامسة سبل المعالجة، وكنا قد أشرنا إليها سابقاً في محاضرات عامة ومنشورة كتابةً أنه لابد من التصدي لكل الأخطاء السابقة وتصحيحها، ومن ذلك كيفية مقاطعة القات كأحد الأسلحة والوسائل المتاحة في نضالنا لإيجاد حل للقضية الجنوبية. وكتبنا في ذلك تفاصيل ربما تكون مهمة ومفيدة لمن يريد حقاً استخدام هذا السلاح، ومن ذلك المقالة التي نشرناها في موقع المكلا اليوم بتاريخ 28/9/2011م، وهي بعنوان (القات وخطورته على القضية الجنوبية).
وسادسة السبل، وهي لا تقل أهمية عما سبق ذكره أن لم تكن إحدى ركائزها الأساسية، فهي العمل الجماهيري العام من حيث إقامة الفعاليات الثقافية والتوعوية، وكذلك المهرجانات الوطنية، وحشد أكبر عدد ممن تعنيهم القضية الجنوبية في اعتصامات ومسيرات سلمية بعيدة عن العنف والإثارة والتهييج والتخريب، ويكون ذلك مع المناسبات الوطنية المعروفة أو عند الحاجة والضرورة، فلاشك أن في تلك الفعاليات الجماهيرية نفع كبير في التبليغ بأن القضية الجنوبية لم تمت ولم تندثر كما يريد لها أعداؤها، وأنها لا تزال حية ومتّقدة، وبعون الله تعالى سيتحقق لنا النصر والظفر ونستعيد حقوقنا المسلوبة منا.
* منسق جبهة إنقاذ حضرموت

dr.abdullah-bahaj@hotmail.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mukallana.yoo7.com
 
حضرموت والقضية الجنوبية مساراتها وسبل معالجاتها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الهويـة الحضرمية مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات
» تاريخ دولة حضرموت
» حضرموت والنواحي التسع في الجنوب العربي حقائق تاريخية وسياسية (1877م – 1967م)
» القول المفيد في تاريخ حضرموت الفريد
» مائة عام على مسيرة المقال في حضرموت من النهضة إلى النكسة إلى الاستفاقة من عام 1911م إلى 2011م

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مكلانا :: تعرف على حضرموت عامة :: ::ثقافة وتاريخ حضرموت ::-
انتقل الى: